كنت (ولازلت)
من المتفائلين بعام 2020م و أرجو الله أن يكون الخير و النمو و الرخاء من نصيبنا هذا العام وكل عام بحول الله وقوته.
بعد انقضاء
الشهر الأول من هذا العام بدأ العالم يقلق حيال الفايروس الجديد الذي انتشر في
مدينة ووهان الصينية نهاية العام الماضي، ثم تتابعت الأحداث والقرارات والإجراءات
الاحترازية في جميع أنحاء العالم بشكل متسارع قبل وبعد تصنيف الفايروس كجائحة
عالمية. وتماشيا مع الإجراءات التي اتخذتها حكومتنا الرشيدة جراء هذه الظروف الاستثنائية، التزم
الناس بيوتهم، حيث ضربت تلك الإجراءات أروع الأمثلة في الحفاظ على حياة و صحة
المواطن والمقيم وحتى المخالف. وهذا ما عهدناه من قيادتنا التي تفضّل الله بها علينا في هذه البلاد الكريمة ولله الحمد.
وفي هذه
الفترة التي وجد الجميع أنفسهم مُجبرين على لزوم البيوت، تحدّث الناس في مواقع
التواصل الاجتماعي عن أخطاء التصاميم الهندسية وافتقار البيوت للمساحات المفتوحة، و طرق الاستغلال
الأمثل للمساحات المتوفرة وعدم وجود بلكونات بالإضافة لصغر حجم النوافذ، كما أن
المحظوظ هو من يعيش في بيت فيه سطح أو فناء كبير، والأكثر حظا هو من لديه مسبح في بيته.
ولكن غاب عن
الساحة موضوع الشعور بالوحدة لدى كبار السن - وهو لبُّ الحديث هُنا- الذين يفتقدون
أبناءهم وأحفادهم حين أصبح عدم السلام عليهم أو زيارتهم أهم علامات البرّ بهم!!
قبل عقود
-ليست بعيدة-، كان بيت العائلة الكبير من أبرز ما يميز المجتمعات الخليجية، حيث
يتزوج الشاب و يسكن مع والديه في نفس المنزل وتنتقل العروس من بيت أهلها الذي تربت
فيه إلى بيت أهل الزوج الذي تبني فيه أول لبنات حياتها الجديدة، فلا تشعر بالوحدة ولا يخالجها الخوف عند غياب زوجها عن المنزل للعمل، كما أن حجم المعاناة في تربية أول
الأبناء يصبح أقل بكثير؛ لوجود من
يعينها على تجاوز الكثير من أعباء الحياة في بداياتها. و إذا اشتد عود الأحفاد و
كبروا استقل الابناء في بيوتهم لتصبح بيوتا كبيرة يتزوّج عندهم أبناؤهم و يبقى
كبير الإخوة في بيت الجد و الجدة أو ينتقلون معه لبيته و تستمر الحياة.
ولكن الحال
الآن ليس كما كان، فالأبناء يستقلون عن بيت الوالدين من أول ليلة يتزوجون فيها،
وعندما يرزقون بأبناء فإنهم يتركونهم عند الخدم ويذهبون لمزاولة أعمالهم! -ليس
الآن مجال مناقشة أسباب هذا التغير الاجتماعي وتاريخه-. وعندما حلّت هذه الجائحة
أصبح غالبية الأهل محجورون في بيوتهم البعيدة عن أبنائهم و أحفادهم، مع كل ما لازم
هذا الحجر من تغيرات نفسية و احتياجات عاطفية.
كُل هذا
يقودنا لبعض التساؤلات ..
هل سنفهم بأن جائحة كورونا تحمل الكثير من الرسائل والتعديلات؟
وما مدى تأثيرها على حياتنا في الجانب الشخصي، و على قراراتنا اليومية؟
وهل يا ترى
ستعود ثقافة البيت الكبير بعد هذه الجائحة؟
إيمان باكثير
الإثنين 11
رمضان 1441هـ
4 مايو 2020م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق